......
علامات الحب
............
في البداية وقبل الدخول إلي تفاصيل الكتاب سأحدد النقاط التي سأناقشها في هذا المقال وهي باختصار تتعلق بما يسمي بعلامات الحب أو بمعني أخر إجابة علي سؤال بسيط يقول : كيف تكتشف في نفسك أنك تحب شخصا ما؟
يقول ابن حزم في كتابه ( للحب علامات اولها إدمان النظر .. فتري الناظر لا يطرف يتنقل بتنقل المحبوب وينزوي بانزواءه والإسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه والتعمد للقعود بقربه والدنو منه وإطراح الأشغال الموجبه للزوال عنه والأستهانة بكل خطب جليل داع إلي مفارقته) ْ
وهنا يؤكد ابن حزم علي حقيقه هامة وهي أن الحواس هي مستقبلات روحية قبل أن تكون مستقبلات مادية فمثلا قد تعجب بلوحة فنية حين تنظر إليها لأنك تري فيها أشياء روحية غير محسوسة قبل ان تري بعينيك البرواز والمنظر الذي بداخلها والألوان .. وحيث ان البصر هو الملك المتوج علي الحواس من وجهة نظر ابن حزم لذلك يكون هو أكثرها تعطشا لأستقبال صورة المحبوب
ثم ينتقل ابن حزم إلي نقطة أخري من علامات الحب قائلا (ثم يشرع المرء في ان يجود ببذل كل ما يقدر عليه مما كان ممتنعا عنه قبل ذلك ليبدي محاسنه ويرغب في نفسه فإن كان بخيل جاد أو جبان تشجع أو غليظ القلب تطرب أو جاهل تأدب) ْ
وهنا يحدث خلط بين أمرين مختلفين فمحاولة إبداء أفضل ما لدينا لا تكون من باب التصنع أو إدعاء أشياء ليست بداخلنا كنوع من الخداع للمحبوب .. ولكنها تكون فقط محاولة لإستخراج مكنونات أنفسنا التي ربما لم نبحث عنها بداخلنا .. وحتي وإن لم تكن هذة الطباع مغروسة بنا فربما يمنحنا الحب الطاقة القادرة علي التغيير حتي نكتسب تلك الصفات التي تكملنا وهو ما يؤكد مقولة ان الحب يصنع المعجزات فهو قادر علي تغيير أشخاص وطباع للنقيض
وهذه المحاولة للتغيير لا تقتصر فقط علي الطباع بل ربما تمتد إلي الآراء .. فتري المحب يحاول بشتي الطرق البحث عن مواطن الألتقاء في الآراء والنقاش والأبتعاد عن بؤر الأختلاف او الجدال .. بل ربما أحيانا يعيد وجهة نظرة في أشياء لم يكن يحبها من قبل إذا كان المحبوب متعلق بهذة الأشياء فيصير وكأنه يراها بعين محبوبه
وينتقل لنقطة أخري قائلا ( ومن علاماته أيضا ان تجد المحب يستدعي سماع اسم من يحب ويستلذ الكلام في اخباره ويجعلها هجيراه ولا يرتاح لشيئ ارتياحه لها ولا ينهه عن ذلك تخوف ان يفطن السامع ويفهم الحاضر) ْ
ورغم أن هذة احدي علامات الحب إلا أن النقيض منها ربما يكون أيضا إحدي علاماته .. فتري المحب يستفيض في المراوغة وإبراز اللامبالاة و عدم الإكتراث سواء أمام الناس أو أمام المحبوب نفسه وربما يرجع تفسير ذلك للخجل أو القلق من رد فعل الطرف الأخر فيؤثر الصمت وإبراز العكس .. واجتماع النقيضين هنا يرجع فقط لفروق فردية بين الأشخاص في طريقة حبهم وطبيعة شخصيتهم
ثم يختم ابن حزم هذا الفصل ببعض العلامات الاخري مثل الإضطراب الذي يبدو علي المحب عند رؤية محبوبه او عند سماع اسمه فجأة .. وأيضا الميل إلي الوحدة والإنفراد .. وحتي في اجتماعه مع الأصدقاء يكون مطرق البال بالتفكير في أمر محبوبه .. وأخيرا الإنعزال عن الشهوات مثل مجافاة النوم حيث يؤكد ابن حزم ان السهر هو صديق دائم للمحبين وكم غني الشعراء لليل والقمر ..وقد يزداد الأمر عن الحد حتي يصل الي الزهد في الطعام ونحول الجسد وهنا يري ابن حزم ان الحب في هذة المرحلة قد أخذ منعرج خطير وتمكن من صاحبه بدرجه كبيرة
....
وفي النهاية الموضوع مطروح لمناقشاتكم وإبداء الآراء
وإلي اللقاء في حلقة قادمة